خطاب السيد العمراني أمام مجلس النواب:قضية الصحراء المغربية - Youssef AmraniYoussef Amrani

خطاب السيد العمراني أمام مجلس النواب:قضية الصحراء المغربية

بسم الله الرحمان الرحيم

السيد الرئيس،

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين،

أود في البداية أن أتقدم بالشكر إلى أعضاء الفرق البرلمانية لطرحهم هذه الأسئلة الهامة، التي تتيح لنا فرصة تنوير الرأي العام الوطني حول التطورات والمستجدات التي تعرفها قضيتنا الوطنية الأولى التي تعتبر قضية شعب مجند بأكمله وراء عاهله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

 فهذه القضية، كما لا يخفى عليكم، توحد المغاربة قاطبة : حكومة و برلمانا، أغلبية و معارضة.

وقبل الرد على التساؤلات المطروحة، اسمحوا لي التذكير بالملاحظات التالية:

أولا، قضية الصحراء المغربية قضية سيادة وطنية ووحدة ترابية، فبقدر ما انخرط المغرب بكل جدية و بحسن نية في الجهود الأممية الرامية إلى إيجاد حل سياسي، بقدر ما هو متمسك بالدفاع عن مغربية صحرائه اقتناعا منه بحقوقه المشروعة وسيادته على أقاليمه الجنوبية.

ثانيا، تعاملت الدبلوماسية المغربية على الدوام وليس اليوم فقط، ومعها كل القوى الحية بحزم ضد كل من حاول المس بمصالح المملكة، متصدية بكل قوة للانزلاقات و التجاوزات مهما كانت الأطراف التي تقف وراءها.

وهو الشيئ الذي جرى مؤخرا بخصوص التصريحات المنسوبة للأمين العام لجامعة الدول العربية ، موضوع تساؤل فريق الاتحاد الدستوري المحترم. بخصوص هذه النقطة بالذات، بادرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بمجرد علمها بالتصريحات، إلى الاتصال بالأمانة العامة للحكومة لجامعة الدول العربية التي أكدت بانها فوجئت بصيغة الحديث الذي نشر، وأن التصريحات المذكورة أخرجت  عن سياقها العام من طرف وكالة الأنباء واليومية الجزائريتين، اللتان تصرفتا في حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية ، قبيل زيارته الرسمية للجزائر. كما أجرى السيد وزير الخارجية والتعاون اتصالا مع السيد نبيل العربي الذي عبرعن أسفه واعتذاره لما شاب  تصريحاته من لبس وعدم دقة في النقل علما أن هذه المنظمة وأمنائها العامين  اتخذوا دائما مواقف ثابتة ورزينة إزاء هذه القضية.

وفي بيان توضيحي، أكدت  الأمانة العامة للجامعة أن الأمين العام أشار إلى أن قضية الصحراء تعالج منذ البداية في إطار الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأن هذه القضية ليست مطروحة على أجندة الجامعة العربية.

وفي كل الاحوال، تظل الوزارة تتابع عن كثب كل ما يتعلق بهذا الموضوع ، للرد بكل حزم، على أية محاولة من أي جهة كانت ، تهدف للمس بقضية وحدتنا الترابية، التي تعتبر قضية مصيرية بالنسبة للشعب المغربي قاطبة.

أما الملاحظة الثالثة التي أود الإشارة إليها بخصوص مستجدات قضيتنا الوطنية، إلى الوضع المريح الذي يوجد فيه المغرب ولله الحمد. فبلادنا استطاعت و بالخصوص منذ تقديم مبادرة الحكم الذاتي تحقيق منجزات هامة ومكتسبات ملموسة على المستوى الجهوي و الدولي ولدى القوى الفاعلة بفضل المضمون الغني و المنهجية الديمقراطية لهذه المبادرة المقدامة و المطابقة للشرعية الدولية. و إذا كنا اليوم نحظى بهذا الوضع المريح، فذلك راجع بالدرجة الأولى إلى الإصلاحات الجوهرية وغير المسبوقة ، التي قام بها المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة نصره الله،  والتي همت جميع المجالات وفي مقدمتها  تعزيز دولة الحق والقانون وإقرار الجهوية  المتقدمة. فهذه الإصلاحات و الاوراش جعلت من المغرب شريكا فاعلا ومحترما ودولة مسموعة و ذات مصداقية.

السيد الرئيس،

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين،            

تمر القضية الوطنية اليوم بمرحلة هامة  تطلبت إجراء تقييم شامل لتطورات هذا الملف على المستوى الأممي. وليست هذه المطالبة وليدة اليوم بل ترجع لأكثر من سنة حيث طالب على سبيل المثال وزير الشؤون الخارجية و التعاون بمناسبة انعقاد الجولتين السابعة و الثامنة من المباحثات غير الرسمية حول الصحراء المغربية بإجراء تقييم شامل وموضوعي لهذا الملف.

  وقد سمح التقييم الذي قمنا به مؤخرا من توضيح ثلاثة أمور رئيسية:

       أولا، وجود بعض الانزلاقات غير المقبولة في التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الذي تضمن بعض العبارات المستفزة وقام بوصف غير متوازن للوقائع و التطورات وذلك رغبة في تحريف مهمة المينورسو وتسييس أنشطتها.

        ثانيا، انسداد أفق المسلسل السياسي بعد أن أصبحت اللقاءات و الاجتماعات تتوالى و تتشابه دون إحراز أدنى تقدم، في غياب رؤية واضحة و الإصرار على تجاهل القضايا الجوهرية و إغراق المسار التفاوضي في مواضيع هامشية بعيدة عن المحددات و الضوابط التي  اعتمدتها قرارات مجلس الأمن.

       ثالثا، ابتعاد المبعوث الشخصي عن منطق الحياد و الموضوعية الواجبة على كل وسيط أممي بالرغم من التنبيهات و التحذيرات التي وجهها له المغرب منذ شهور حيث فضل الاستمرار في تصرفاته و تصريحاته و مبادراته المرفوضة والمتناقضة مع المهمة الموكولة إليه من طرف  الأمين العام.

 بناءا على هذا التقييم، بادر السيد وزير الشؤون الخارجية و التعاون إلى القيام بمساعي رسمية لدى الأمين العام للأمم المتحدة حيث :

– أبلغه بنتائج هذا التقييم،

– عبر له عن رفض المغرب للمغالطات والانزلاقات الواردة في تقريره الأخير،

– أكد له على ضرورة اتخاذ التدابير الضرورية و العاجلة لتدارك الوضع و تصحيح الأخطاء و الانزلاقات بهدف إعطاء نفس جديد للمسلسل السياسي،

– أبلغه سحب الحكومة المغربية الثقة من مبعوثه الشخصي السيد كريستوفر روس.

 

السيد الرئيس،

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين،

في ظل هذه المستجدات، سيبقى المغرب ملتزما بمواصلة تعاونه مع الأمين العام للأمم المتحدة و مع المينورسو كما ستستمر بلادنا في الانخراط بجدية و بحسن نية في المساعي و الجهود الأممية من أجل تجاوز المأزق و وضع حد للوضع الراهن على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وفي احترام تام لسيادة المملكة ووحدتها الترابية.

كما سيعمل المغرب أيضا على تفعيل القرار 2044 الصادر عن مجلس الأمن و الذي جاء في عمومه منصفا لبلادنا و مخيبا لآمال الخصوم، حيث أنه :

 – نوه من جديد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي،

– لم يشر لعملية الاستفتاء التي تتمسك بها الأطراف الأخرى، و الدعوة بدلا من ذلك إلى إيجاد حل سياسي.

– استمر في التأكيد على أن الحل السياسي هو المدخل الحقيقي لإنهاء النزاع.

– لم يستجب لمطالب الخصوم التي كانت تدفع في اتجاه توسيع مهمة المينورسو.

– طلب للسنة الثانية على التوالي، من المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، مواصلة نظرها في عملية تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف، جنوب شرق الجزائر.

– أشاد بتفاعل المغرب الإيجابي في مجال حقوق الإنسان و بفتح مكتبين محليين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل من العيون و الداخلة

يجرني الحديث عن قرار مجلس الأمن، يدفعني للتذكير بالدور و الجهود المبذولة من طرف الدبلوماسية المغربية.

 فبخصوص هذه النقطة، لابد من الإشارة إلى أن الدبلوماسية المغربية، وتنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لم تذخر أي جهد من أجل الدفاع عن مغربية صحرائنا وكشف حقيقة النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية.

وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أنه وبفضل تعبئة الدبلوماسية المغربية :

* سحبت العديد من الدول لاعترافها بالجمهورية الوهمية، حيث قامت،  34 دولة بإلغاء اعترافاتها بهذا الكيان الوهمي منذ سنة 2000.

* تغيرت محددات الملف بصورة جذرية على مستوى جميع أجهزة الأمم المتحدة وأصبحت مقاربتها  تتوجه نحو الحل السياسي النهائي والمتفاوض بشأنه في هذا النزاع الإقليمي المفتعل وذلك عكس ما يشتهيه الخصوم.

* استطاع المغرب الحصول على وضع مريح سواء مع الاتحاد الأوربي الذي يساند فكرة الحل السياسي أو داخل حركة عدم الانحياز التي أصبحت قراراتها تتماشى أيضا مع قرارات مجلس الأمن وهو ما لمسته شخصيا خلال رئاستي للوفد المغربي في المؤتمر الوزاري الأخير لحركة عدم الانحياز المنعقد بشرم الشيخ بتاريخ 9 و10 ماي الجاري.

* قام المغرب بحملة دبلوماسية، فيما يتعلق بوضعية المحتجزين بتيندوف داخل الأراضي الجزائرية، من خلال فضح الوضعية المزرية التي يعيشونها وتحديد المسؤولية القانونية والسياسية للجزائر فيما يتعلق بهذه المعاناة.

وهنا اسمحوا لي للتذكير بأن وزارة الشؤون الخارجية و التعاون عملت على تبني إستراتيجية تروم إشراك مجموعة من الفاعلين و في مقدمتهم المؤسسة البرلمانية. وستواصل الوزارة دعم الدبلوماسية البرلمانية وتعزيز دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية بكل الوسائل الضرورية، اقتناعا منها بأن هذه الأدوات تشكل دعما هامّا للدبلوماسية الرسمية.

السيد الرئيس،

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين،

على ضوء المستجدات التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، علينا أن نبقى جميعا مجندين ومعبئين من أجل الاستماتة في الدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى ومواجهة المناورات والتشويش و الانزلاقات.

كما أود التأكيد أن المغرب الذي تجاوب بشكل ايجابي مع  الجهود الأممية من أجل إنجاح المسلسل السياسي و شارك في العملية التفاوضية بحسن نية سيواصل العمل بنفس الإرادة  بغية إيجاد حل سياسي توافقي وواقعي ونهائي، على أساس مقترح الحكم الذاتي، وفي نطاق السيادة المغربية ووحدتها الترابية.

هذه المبادرة التي وصفتها الأمم المتحدة بكونها جدية و ذات مصداقية و واقعية لكونها تشكل أرضية لحل سياسي يضع حدا لهذا النزاع المفتعل بعيدا عن المواقف المتصلبة و المقاربات المتجاوزة.

و السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

média

 

attachment-1 photo-2b conference-youssef-amrani b-20 img_0051 milan-oct-2015 2016-02-12 - Youssef Amrani, Minister in Charge of Mission at the Royal Cabinet of Morocco gesticulates on the conference "The Challenges for Security Services in of Imported Terrorism in Europe" from the Middle East Peace Forum on the Munich Security Conference in Munich, Germany. Photo: MSC/dedimag/Sebastian Widmann upm 23023365664_05464c6a50_o