حوار السيد الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون مع جريدة التجديد - Youssef AmraniYoussef Amrani

حوار السيد الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون مع جريدة التجديد

 ملامح السياسة الخارجية المغربية بعد أن تحولت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون من وزارة سيادية إلى وزارة حزبية ؟ 

 ملامح السياسة الخارجية المغربية لم يطرأ عليها تغير فهي لا تزال ثابتة، وكما تعلمون فإن جلالة الملك محمد السادس هو الذي يحدد الخطوط العريضة للسياسة الخارجية المغربية.

وبرجوعنا للدستور المغربي فإنه أشار إلى  البعد المغاربي والعربي والإسلام والافريقي والاورو متوسطي .

المسألة المهمة هو كيفية تفعيل هذه السياسة الخارجية لتحقيق المصالح الوطنية، وإذا كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تدار اليوم من طرف أحزاب سياسية، فهذا أمر غير جديد، حيث كان على رأس هذه الوزارة شخصيات سياسية كالسيد محمد بوستة من حزب الاستقلال، و مولاي أمحمد الشرقاوي من حزب الشورى حينها، وعبد الله ابراهيم من القوات الشعبية للاتحاد الاشتراكي، وعبد العزيز المسيوي، كاتب الدولة (الحزب الدستوري)…. وهذا أمر طبيعي لأن العمل الدبلوماسي بطبيعته هو عمل سياسي محض.

 المهاجرون المغاربة، موقعهم في أجندة الحكومة ومطالبهم بشأن تحسين الخدمات القنصلية؟

 لا يمكن لحكومة ترعى قدرها، أن تنسى 3 مليون من سكانها. برجوعنا لمقتضيات الدستور المغربي الجديد، نجده قد خصص أربعة فصول تهم المواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. والتي تحتم على الحكومة الحالية حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة في إطار احترام القانون الدولي والقوانين السارية المفعول في بلدان الاستقبال، و كذا الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم سواء على المستوى الثقافي أو الهوية الوطنية. وكذا دمجهم في النسيج الاقتصادي الوطني للمساهمة من جانبهم في تقويته وتعزيزه.

وكمجتمع مدني مقيم بالخارج، فإن الحكومة ستسهر على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتماعات بلدان الإقامة لتعزيز موقعهم الحقوقي وأدوارهم التمثيلية، خاصة مع تنامي أدوار دبلوماسية المجتمع المدني التي بدأت تفتح علاقات رحبة في العلاقات الثنائية.

كما سيفسح المجال لضمان مشاركة المغاربة المقيمين في الخارج في المؤسسات الاستشارية وهيئات الحكامة الجيدة.

كما أسند الدستور اختصاصات لمجلس الجالية المغربية بالخارج سواء من حيث إبداء وجهة نظره بشأن التوجهات العامة للحكومة بشأن قضايا الجالية (الهوية المغربية، ضمان الحقوق وصيانة المصالح) أو من حيث المساهمة في التنمية البشرية المستدامة ببلدهم الأصلي.

كما أنه ستصدر القوانين المنظمة لحق المغاربة المقيمين في الخارج كحق التصويت وحق الترشيح.بما فيها حق التصويت والترشيح للانتخابات.

المغرب والاتحاد الأفريقي، هل زيارة وزير الخارجية الأخيرة لأثيوبيا دليل على قرب عودة المغرب للاتحاد؟ 

 لا يجب أن ننسى أن المغرب من مؤسسي منظمة الوحدة الافريقية(مؤتمر الدارالبيضاء) لا ننسى كذلك الدور الأساسي الذي لعبه المغرب في مساندة كل الحركات التحررية الافريقية، فالمغرب كدولة أفريقية لها مركز وموقع تواجد قوي في افريقيا، بحكم علاقاته الواسعة مع دول القارة وكذا، الحوار السياسي المفتوح معها، وكذا الحوار الذي يدعمه المغرب بين افريقيا واوربا، بالرغم من أن المغرب ليس عضوا في منظمة الاتحاد الافريقي فإنه يظل وفيا لالتزاماته، وعودته إلى المنظمة معلق بسحب عضوية الكيان الدخيل.

 لقـد أولى الدستور المغربي الجديد اهتماما متزايدا وكبيرا لعلاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولاسيما مع بلدان الساحل والصحراء. حيث يضع المغرب انتماؤه القاري على رأس أولوياته التنموية، وفي صلب انشغالاته الدبلوماسية الدولية. وقد تأكد هذا الالتزام في الوهلة الأولى من خلال الدفاع عن حرية وكرامة القارة، وفي المجهودات المبذولة من أجل وحدة واندماج أفريقيا من خلال الدفع بتنمية مستدامة للدول المنتمية قاريا. وما الزيارات الرسمية التي قاربت 15 دولة إلا شاهد على التزام المملكة بتعهداتها، وتعززت بزيارة السيد وزير الخارجية والتعاون لجيبوتي وكينيا، والتي تكللت بعدة مشاريع للتعاون بين المغرب والبلدين المذكورين، من بينها الكهربة القروية وإحداث خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ونيروبي.

 والمغرب من جانبه، يربط علاقات تعاون مع أكثر من 40 دولة ويحكم هذه العلاقة إطارا قانونيا يصل إلى أكثر من 500 اتفاقية تعاون الذي يندرج في إطار جنوب-جنوب، والذي يقوم على التفاعل والتضامن نبني على بعض الأسس التي تمدد الحضور المغربي بأفريقيا: دعم التنمية المستدامة، تقييم الموارد البشرية، الإقحام المتنامي للقطاع الخاص، وكذا فاعلين جدد من أجل نقل المعرفة وتقاسم الخبرة.

ساهم المغرب كذلك في مشاريع تنموية في مجال الكهربة، تدبير الموارد المائية، والسقي، والبنيات التحتية الأساسية، الصحة، وكذا المشاريع العمومية، جد مندمجة مع السياسة الخارجية المغربية اتجاه القارة الأفريقية.

  وفي مجال التعاون العلمي المغربي الأفريقي، يستقبل المغرب أكثر من 8000 طالب، منهم 6500 طالب ممنوح وافدا من 42 دولة أفريقية يتابعون دراساتهم بمؤسسات مغربية عليا.

  فتقوية روابط التعاون المغربية-الأفريقية يحيل على إرادة ملكية من أجل تبني رؤية إستراتيجية متجددة للشراكة جنونب-جنوب، ويتطابق مع تحول رهان القارة، والذي يندرج في ديناميكية الانفتاح.

 التعاون الجهوي يمثل أيضا إطارا للتعاون التفضيلي تقدمه بلادنا لدول أفريقيا، والمنظمات الفرعية، لأفريقيا والتي تعتبر مسألة حتمية ورافعة للديمقراطية،والاندماج الاقتصادي الجهوي يشكل حجر الزاوية لمؤسسات القارة.

 كما لا ننسى عزم المغرب، كعضو غير دائم في مجلس الأمن، في الدفاع ونصرة القضايا العادلة للقارة الإفريقية.

أما بخصوص زياراتالسيد العثماني، وزير الخارجية والتعاون فإنها كانت ناجحة ، وتدخل في تقليد ذأب عليه المغرب، حيث كل الوزراء السابقين ساهموا من جانبهم في ربط وتمتين العلاقات.

مؤشرات حقيقية حول إمكانية إحياء مشروع اتحاد المغرب العربي؟

لقد استوعب جلالة الملك محمد السادس، التحولات الجديدة التي طرأت على العالم العربي والمغاربي خصوصا، واستبق الأحداث بإصلاحات سياسية توجت بحكومة توافقية. في ذات السياق أصبح للمغرب رؤية تقوم على تصور نظام مغاربي جديد كما جاء في الخطاب الملكي السامي لـ 06 نوفمبر2011، قوامه حكامة مغاربية جيدة، والتشاور، والتكامل والتنمية والتضامن خاصة مع لليبيا وتونس وسعيهما لبناء مؤسسات الدولة.

لقد أصبح المغرب يراهن على النظام المغاربي الجديد بحكم السياق الدولي والإقليمي المتغير، نظام يؤكد على مؤسساته القائمة، ويجد في تفعيلها، لان تلك المؤسسات مكسب تاريخي نبني عليه مستقبل مغاربي مشترك، وتنمية مشتركة  من أجل تحقيق تطلعات الأجيال الحاضرة والصاعدة. بفضل فسح المجال أمام الفاعل المدني المغاربي من مستثمرين، وحقوقيين، وجمعويين، وبرلمانيين، ومثقفين ورياضيين في أفق تحقيق « الحريات الخمس » لمواطني البلدان المغاربية ضمن قرار جماعي، والتي هي:

      *حرية التنقل.

      *حرية الإقامة.

      *حرية العمل.

      *حرية الاستثمار والاستملاك.

      *حرية المشاركة في الانتخابات البلدية في جميع البلدان المغاربية الخمس.

 كما يعتبر المغرب الاتحاد المغاربي محركا حقيقيا للتكامل العربي، ورافد من روافد الحوار الاورو-متوسطي وأمن واستقرار منطقة دول الساحل والصحراء.

هذا هو تصورنا الجديد والذي في الحقيقة بفضله حققت تكتلات اقتصادية نجاحا مشتركا لشعوبها، وانظروا حواليكم تجدون شهادات من واقع التاريخ المعاصر.

 دور الدبلوماسية الموازية والفاعلين غير الحكوميين في توضيح مواقف المغرب؟

بموجب المرسوم المنظم لوزارة الخارجية والمحدد لاختصاصاتها (المنشور في الجريدة الرسمية في 06 شتنبر 2011) ، أنشأت مديرية جديدة تعنى بالدبلوماسية الموازية عامة ، وهي « مديرية الدبلوماسية العامة والفاعلين غير الحكوميين » التي من اختصاصاتها « تقوية التفاعل مع مجموع مكونات المجتمع المدني ومجموعات التفكير ».

فإلى جانب المجتمع المدني بكل مكوناته الفاعلة، نراهن على الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، التي ستتطور إلى مركز للبحث والدراسة ووضع الاستراتيجيات، وكذا نشر بحوثها العلمية المتخصصة، وانفتاحها على المجتمع المدني.

الدبلوماسية المغربية وطبقا لمقتضيات الدستور الجديد تعطي لمغاربة العالم دورا مهما في صناعة الحدث الدبلوماسي من خلال إبداء أرائها حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تعزيز موقعهم ببلدهم الأصل وكذا ببلد الاستقبال. ذلك أن نشاط كثير من المغاربة وتفاعلهم مع برلمانات دول الاستقبال، وعضويتهم في الأحزاب السياسية، ومواقعهم العلمية والاجتماعية في بلد الاستقبال أكسبهم خبرة وتأهيلا أصبح المغرب يعول عليه في دعم مسار العمل الدبلوماسي الموازي.

 هذا، بالإضافة إلى الدبلوماسية البرلمانية، التي نشطت ببلادنا خلال السنوات الأخيرة حيث ربط البرلمان المغربي علاقات وطيدة مع نظيراتها الدولية من خلال مجموعات الصداقة مثلا، وكذا ربط صلات تواصل بين أحزاب مغربية ونظيراتها الإقليمية والدولية. كل هؤلاء الشركاء الجدد في العمل الدبلوماسي أعطى زخما في التصور وربما تقاسم المهام بحكم التخصص.

 الجولة التاسعة من المفاوضات غير الرسمية مع البوليساريو، التوقعات؟

هناك إجماع وطني وتوافق بشأن مشكل الصحراء المغربية، والمغرب سيشارك في منهاستن بنية حسنة للدفاع عن مبادرة الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.

 كل الحكومات المتعاقبة، كانت تشدد على أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والترابية، شمالا وجنوبا، والمصالح العليا والقضايا العادلة للمملكة المغربية وفي مقدمتها النزاع المزمن حول الصحراء المغربية تعتبر أولوية الأولويات للبرنامج الحكومي

 اقتراح مبدأ الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية، وإشادة المنتظم الدولي بجدواه وإمكانية تطبيقه أفسح المجال لدبلوماسية مغربية مبادرة ومتحركة لكسر الجمود الذي ظل يراهن عليه خصوم وحدتنا الترابية، والذي يشعرون اليوم بالإحراج بسبب جمودهم وتشبثهم بحلول تجاوزتها الأمم المتحدة.  وفتح المغرب أبوابا للتواصل مع المجتمع الدولي للتأكيد على التزامه بالعمل على إيجاد تسوية نهائية لهذه القضية المزمنة.

ما نلحظه حقيقة، أنه أصبح للدبلوماسية المغربية قضية تحفزها على التفكير العميق في التعاطي الدولي مع المسألة، وكشف القدرات الإبداعية للدبلوماسية المغربية والابانة عن سياسة خارجية مرنة ومتوازية لتجاوز الجمود وسياسة ردود الفعل، بالانتقال إلى دبلوماسية متفاعلة وفاعلة في ذات الحين.

 موقع المغرب في المنظومة الجهوية التي طرأت عليها تغيرات عميقة خلال الشهور الماضية بفعل « الربيع العربي »؟

قام المغرب بإصلاحات سياسية توجت بدستور جديد يعد مكسبا للمغاربة وطفرة في العمل السياسي سواء من حيث إنشاء مؤسسات جديدة أو من حيث تفعيلها ودمقرطة أسلوب تمثيلها . هذه الاصلاحات في حقيقة الأمر بدأها المغرب في مطلع التسعينات والتي كانت متميزة على المستوى الإقليمي، والتي أشاد بها العديد من الدول، فهي في الحقيقة مكسب سياسي مهم جدا.

 لقد أبانت الأحداث في ليبيا وتونس وسوريا عن دبلوماسية مغربية مبادرة ومتفاعلة، حيث دافع المغرب بتنسيق مع جامعة الدول العربية في إيجاد حل للأزمة السوري بمجلس الأمن كبلد عربي وحيد، هذا فضلا عن مواقف المغرب الشجاعة سواء في دعم مسار التحول الديمقراطي في ليبيا وتونس أو من حيث روح التضامن اتجاه محيطه المغاربي.

 مستقبل الاتحاد من أجل المتوسط ودوره في المنطقة؟

الاتحاد من أجل المتوسط « قيمة إقليمية مضافة »، في علاقات الجوار والتعاون بين دول ضفة جنوب المتوسط، التي أتصور أن يتجاوز الإطار التقليدي الذي كثيرا ما حكم علاقات أوربا بمنطقة المتوسط، حيث حول دول الجنوب مع مرور الوقت إلى موقع المتلقي للمساعدات والتمويل دون التمتع بقدرة حقيقية على تسيير هذا الإطار من التعاون، وهذا يعني إعمال مبدأ المليكة المشتركة بين شطري المتوسط، بوقوفها على قدم المساواة مع الدول الاوربية في توجيه التعاون الورو-متوسطي.

 الاتحاد من أجل المتوسط، الذي أحدث في 13 يوليوز 2008 بمبادرة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يضم  43 عضوا. ويطمح من خلال تطوير مشاريع ملموسة في مختلف المجالات: البيئة، النقل، الطاقة، الثقافة والتعليم …)، إلى إعطاء دفعة جديدة للتعاون الأورو-متوسطي الذي انطلق سنة 1995 ببرشلونة.

ويتطلع المغرب إلى تطوير فلسفة التعاون بين دول الجنوب كسر الجمود وتحكيم مبدأ الحكامة الجيدة والتشاور بين ضفتي المتوسط، لتتوجه هذه العلاقة   ميثاق جديد من أجل الديمقراطية والتنمية المشتركة ».

média

 

attachment-1 photo-2b conference-youssef-amrani b-20 img_0051 milan-oct-2015 2016-02-12 - Youssef Amrani, Minister in Charge of Mission at the Royal Cabinet of Morocco gesticulates on the conference "The Challenges for Security Services in of Imported Terrorism in Europe" from the Middle East Peace Forum on the Munich Security Conference in Munich, Germany. Photo: MSC/dedimag/Sebastian Widmann upm 23023365664_05464c6a50_o