كلمة السيد الوزير بالبرلمان بمناسبة الدورة 8 لبرلمان الاتحاد من أجل المتوسط - Youssef AmraniYoussef Amrani

كلمة السيد الوزير بالبرلمان بمناسبة الدورة 8 لبرلمان الاتحاد من أجل المتوسط

 

اسمحوا لي أولا أن أشكر الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط لاختيار عاصمة المغرب لاستضافة هذا الاجتماع الهام. وأود أن أنوه بالجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، لدعمها ومساندتها لتطوير الشراكة الاورو-متوسطية. وأغتنم هذه الفرصة لأشيد بمساهمات أعضاء برلمان الأورومتوسطي المحترمين، الذين برهنوا عن تمسكهم لتحقيق هذا الهدف المشترك الذي نعتز به جميعا، والذي يكمن في بناء منطقة استقرار وازدهار مشترك في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط.

واقتناعا منا بمركزية منطقة البحر الأبيض المتوسط كفضاء اقتصادي منسجم ومتكامل، فإن المغرب منذ فترة طويلة، استثمر في بناء منطقة الأورومتوسطي الحبلى بالفرص. وقد تجلى هذا، في إقامة علاقات متميزة مع شركاء البحر الأبيض المتوسط، خاصة في إطار اتفاق اكادير (المغرب، تونس، مصر، الأردن)، واتفاقية التبادل الحر مع تركيا.
ومن خلال مثل هذه المبادرات، فإن المغرب قد أعطى معنى ملموسا للتعاون الاورو-متوسطي ، وسيواصل العمل في هذا الاتجاه، في إطار الاتحاد من أجل المتوسط .

التزام المغرب الأورومتوسطي، من أجل تحقيق تقارب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، يظهر أيضا من خلال رئاسة عددة مؤسسات أورو-متوسطية، بما فيها الجمعية البرلمانية والأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط.

انتهز هذه الفرصة التي أتيحت لي اليوم، لأعبر للأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط،السيد فتح الله السجلماسي عن متمنياتي الخالصة له بالتوفيق في مهامه الجديدة، كما أشيد بمعرفته الكبيرة بإشكاليات الاتحاد من أجل المتوسط، وخبرته الواسعة، وأنا متأكد أنه سوف يعطي ديناميكية جديدة ودائمة لتحقيق أهداف وروح شراكتنا الاورو-متوسطية.

في سياق دولي يتميز بظرفية اقتصادية صعبة، ومحيط إقليمي يعرف تحـــولات كبيرة، دخلت دول جنوب المتوسط عهدا جديدا، يحمل في آن واحد فرصا وتحديات.

هذه الدينامية الإقليمية الجديدة، تدعونا لإعادة التفكير في العلاقة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط من خلال دمج رؤى إستراتيجية للعلاقات الأورو- متوسطية، تقوم على المدى البعيد ، وعلى منظور مشترك بين الضفتين ، وتستند على علاقة متجددة بين الشمال والجنوب.

في هذا السياق، نحن، بلدان ضفة المتوسط، يجب أن نرسم بطموح الإمكانيات الجديدة المتاحة من الآن فصاعدا، بفتح آفاق التقارب بين دول الشراكة المتوسطية والاتحاد الأوربي.

ويجب علينا أن نغتنم الفرص العديدة التي يقدمها لنا حوض البحر المتوسط، لإعطاء نفس جديد لتعاوننا الجهوي خاصة من خلال تحسين القدرات العملية للاتحاد من أجل المتوسط.

ودون أن أطيل في هذا الموضوع، الذي سيتطرق له السيد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط بتفصيل، أود أن أبدأ مداخلتي بالإشارة إلى ثلاث ملاحظات:
1. أوربا وشركائها بالضفة الجنوبية، يتوفران على فرص فريدة تسمح للاتحاد من أجل المتوسط أن تلعب دورا محفزا لمساعدة ومصاحبة مسلسل إعادة البناء والتغيير بالمنطقة .
2. عززت التحولات بالمنطقة ، ضرورة إدراج أولويات ومشاريع جديدة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه، لا سيما دول الجنوب .
3. الأولويات المحددة في قمة باريس 2008، لا تزال صالحة وذات جدوى. إنها تشمل قطاعات هامة لتطوير إمكانيات النمو في بلدان البحر المتوسط، مثل المياه، الطاقة، النقل، وتطوير PME، (المقاولات الصغيرة والمتوسطة)، ومع ذلك، هناك مجالات للتعاون تفرض نفسها وبكل قوة، بحكم المتغيرات السياسية بالبلدان المتوسطية. تشمل هذه المجالات إدراج و إشراك فاعلين، كالمجتمع المدني، ومشاركة المرأة في المجتمع، والبرلمانيين،والجماعات

المحلية والإدارة الترابية، وكذا مواكبة مسلسل الإصلاحات السوسيو-اقتصادية والسياسية.
وعلاوة على ذلك، لا يمكننا معالجة هذه الإشكالية، التي تجمعنا اليوم من دون الإشارة إلى البعد الإقليمي لسياسة الجوار الأوروبية الجديدة.

وفي الواقع، فإن المسلسل الراهن للتفكير بشأن PEVجيل جديد لسياسة الجوار الأوربية يعتبر أساسيا ومكملا في نفس الوقت:

أساسي، لأنه يضع مسبقا مقاربة تقوم على التشاور وانخراط الشركاء في التفكير الجاري، والذي يتطلب، بسبب السياق الراهن، جوابا آنيا ومناسبا من مجموع الشركاء.

بل هو أيضا مكمل، لأنه يرفض كل نسخ لأعمال وأشكال عمل قائمة، و تهدف في المقام الأول إلى تحقيق مزيد من النجاعة، ولا سيما فيما يتعلق بالبعد الإقليمي لهذا المسار.

ووفــــــقا لهذا المـــــنظور، يتعين على جميع مكونات بلدان الاورو- متوسطي، من حكومات وبرلمانيين وممثلين محليين وإقليميين، ومجتمع مدني، تقديم الدعم الكامل وبذل كل الجهود، لتمكين الاتحاد من أجل المتوسط أن يصبح قاطرة التنمية السوسيو-اقتصادية الجهوية.

لهذا، من الضروري إعطاء الأولوية لمنهجية فعالة وأدوات ناجعة. هذه المنهجية يجب أن تركز على السهولة والتناسق، مع الحرص على تنمية فعالية البرامج المحددة على المستوى الجهوي.

في هذا السياق، لا بد من التأكد على أن أهداف ومبادئ البعد الإقليمي لسياسة الجوار الأوروبية الجديدة، تتلاءم مع أهداف ومبادئ الاتحاد من أجل المتوسط. وهذه الخلفية المشتركة ستساعد على تحديد مبادرات ملموسة لفائدة مجموع شعوب الأورو- متوسطي.

وفي هذا الإطار، سيعمل المغرب على تعزيز الجوار مع الدول الأوروبية على أساس آليات جديدة، ورؤية متجددة، تأخذ بعين الاعتبار تصورا طموحا ومتبصرا للعلاقات بين ضفتي المتوسط.
إننا اليوم، نتوفر على الأدوات اللازمة لبدء العمل في هذا الاتجاه، ومع ذلك، لا يمكن تحسين طرق ووسائل تحقيق هذه الأهداف من دون العمل، بالموازاة، مع تنمية متناسقة في المنطقة المغاربية.

إعادة تفعيل اتحاد المغرب العربي، هو في الواقع بعدا استراتيجيا. المغرب يسعى إلى أن يكون الاتحاد المغاربي فاعلا مركزيا، يعمل في إطار التعاون الأورو- متوسطي، لأن تنمية الاتحاد المغاربي، من خلال دوره للتكامل والتوحد، سيكون له أثر كبير على ازدهار وأمن الاتحاد الأوروبي ومجموع حوض الأور- ومتوسطي.

وفي هذا الاطار تندرج دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى وضع نظام مغاربي جديد، كفيل بتحقيق طموحات الشعوب المغاربية الخمسة.

في نهاية المطاف، فإن تعزيز الروابط، ومد الجسور بين البلدان الأورو- متوسطية، و الاتحاد من أجل المتوسط ، والاتحاد الأوربي واتحاد المغرب العربي، يشكل على حد سواء بديهية جغرافية، وضرورة سياسية، و حتمية سيوسيو- اقتصادية وهدفا استراتيجيا.

نحن مدعوون أن نأخذ بعين الاعتبار أن وضعنا في ظل العولمة، سيعتمد إلى حد كبير على ملامح تكاملنا الأفقي، وعلى طموح علاقاتنا التي سنطورها، فرديا وجماعيا، مع الاتحاد الأوروبي. من أجل ذلك، يجب أن نعمل على إعادة تأهيل المركزية الإستراتيجية للبحر الأبيض المتوسط.

بالنسبة لبلدان الجنوب والاتحاد الأوروبي، فإن الرهان واحد هو : « إنشاء منطقة أورو- متوسطية للاستقرار و للازدهار المشترك « ، والذي هو أيضا أحد الأهداف الرئيسية للشراكة الاورو- متوسطية ، المعتمد سنة 1995 في برشلونة.

وما دمنا بصدد الحديث عن التحديات، فإن الاستقرار و الأمن المنشودين لن يتحققا بدون إيجاد حلول نهائية و ناجعة للمشاكل التي تشهدها المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية و الأزمة السورية.

وهكذا فإن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها لجنة القدس تؤكد من جديد على ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق طموحاته الشرعية بقيام دولة مستقلة وقابلة للحياة، عاصمتها القدس الشرقية، دولة فلسطينية تعيش في أمن وسلام مع جيرانها وذلك طبقا لقرارات الشرعية الدولية.

وفي ظل استمرار السلطات الإسرائيلية في سياساتها العدوانية والأحادية الجانب يتعين علينا جميعا تكثيف الجهود و المساعي من أجل التنديد بهذه التصرفات المرفوضة و الضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل الامتثال للقرارات الدولية وإعادة إطلاق مسلسل المفاوضات، بهدف التوصل إلى حل عادل ونهائي لهذه القضية التي تشكل أولوية لكافة العرب و المسلمين.
أما بخصوص الوضع بسوريا لا بد من التذكير أن المغرب بحكم المسؤوليات التي يتحملها كعضو عربي وحيد بمجلس الأمن، يسعى جاهدا إلى معالجة هذه القضية في احترام تام لقرارات الجامعة العربية وذلك وفق مقاربة مبنية على الثوابت التالية:
– الوقف الفوري و التام لكل أعمال العنف و التشجيع على الحوار السياسي.
– تمكين الشعب السوري من تحقيق طموحاته المشروعة في بناء مؤسساته السياسية الوطنية.
– الحفاظ على سيادة سورية ووحدتها الترابية و تماسك نسيجها الإجتماعي التعددي.
– إستبعاد كل تدخل عسكري خارجي.
وفي الختام، لابد من الإشارة إلى أن هذه المقاربة الجديدة للوضع بالمنطقة المتوسطية، التي تقوم على أساس التكامل الواضح، والمصير المشترك الذي يوحد بلدان ضفتي المتوسط،، تسمح بالمضي قدما و بثقة نحو المستقبل، على أسس جديدة، وبصفة متضامنة وبروح المسؤولية المشتركة.
أشـكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــركم.

média

 

attachment-1 photo-2b conference-youssef-amrani b-20 img_0051 milan-oct-2015 2016-02-12 - Youssef Amrani, Minister in Charge of Mission at the Royal Cabinet of Morocco gesticulates on the conference "The Challenges for Security Services in of Imported Terrorism in Europe" from the Middle East Peace Forum on the Munich Security Conference in Munich, Germany. Photo: MSC/dedimag/Sebastian Widmann upm 23023365664_05464c6a50_o